الثوب الفلسطيني والاستفادة من قرار اليونسكو

الثوب الفلسطيني والاستفادة من قرار اليونسكو

 

علاقتي بالثوب الشعبي، علاقه وطيدة،  تعرفت على الثوب الفلسطيني في مخيم اربد، كان من النادر ان تجد امراة يزيد عمرها عن الخمسين وحتى الاربعين، لا ترتدي الثوب في حياتها اليومية، كنت اجالس النساء المتجمعات على المساطب وامام البيوت يثرثرن ويحكن اجمل القطع تعلمت منهم القطبة الفلسطينية لكني لم افلح يوما بإكمال قطعة تطريز واحدة……

عندما عانت اربد من الاعتداءات الصه يون ية في اواخر الستينيات وصار القصف الليلي يوميا، عادت الاربداويات الي (الشرش الاربادوي) فهو سهل الاتداء وساتر، على نحو مفيد عن الذهاب الى الملاجيء العامه، لمن لم يستطيعوا اقامة ملاجيء في بيوتهم، وصرت تجد في الملاجيء خليط من الملابس الشعبية الاردنية في اجمل صور التلاحم و التراحم والوحده….

عندما سافرت الى بلغراد حملت معي ثوبا اردنيا (شرش رمثاوي مطرز) وآخر فلسطيني، وعندما ارتدي احدهما اتحول الى شارحة للتراث لاشبع فضول المستغربين، وكان بعض الطلاب العرب يتضايق مني، باعتبار ان ارتدائي للزي الشعبي خارج المناسبات الرسمية هو محاولة للفت النظر، ولم أكن ابالي …..

في مخيمات بيروت إفتقدت الثوب الفلسطيني، فلم اكن المحه الا نادرا وعلى بعض العجائز،  وقدرت ان ارتفاع تكلفته، والتمييز القاسي ضد اللاجئين الفلسطينين يمنع الكثيرات من اقتناءة والتجول به، حتى كان أن استأجرت مؤسسة (صامد) شقه في البناية التي اسكنها على اطراف مخيم برج البراجنة، لتكون مشغلا لها، تعرفت على الصبايا العاملات في المؤسسة، ولارتفاع التكلفة اقترحت عليهن ان ينقلن القطبة الفلسطينية على قطع ملابس عادية كالتنانير والبلوزات، وكانت المؤسسة قد بدات بهذا التطوير لتوسيع دائرة استعمال التطريز الفلسطيني، وبالفعل انجزت الصبايا اجمل التصاميم، وانا اقتنيت بلوزة بيضاء مطرزة كنت افتخر بلبسها عندما اجول في مقاهي شارع الحمراء، لكن اسعار مؤسسة صامد بقيت مرتفعة وليست بمتناول عموم نساء المخيمات….

في الكويت عاد الثوب الفلسطيني ليظهر بقوة وبأجمل وأثمن التصاميم، لكن ليس في اوساط العامة من نساء الجالية الفلسطينية الكبيرة، بل عند النخبة من نساء أغنياء الجالية، وكنت كصحفية، كثيرا ما ادعى ( لفطور تئشفي بيقدم منائيش عشان الئضية) وعشان (الئضية) كنت اذهب وابتلع غيظي من كم التصنع والتباهي…..

في منصف العقد الماضي عندما عملت في المخيمات لمدة سنة تجولت فيها في عدد من المخيمات شمالا وجنوبا، هالني غياب الثوب الذي إعتدته عند نساء المخيمات، ما عدا الندرة من العجائز، وحزنت لتحول النساء من ارتداء الثوب الجميل والساتر، الى العباءة والجلباب، الذي حول النساء الى كتل متشابهه كدجاج المزارع، وكان لابد من اثارة الموضوع، لأعرف ان الخطباء الذين لا هم لهم سوى النساء وملابسهن وحجابهن، حرموا بطريقة ما، الملابس المطرزة والملونه مما فهم ضمنا ان هذا التحريم، يشمل الثوب الفلسطيني، لانه جميل ولافت، بصراحه (طار عقلي)، هل توجد مؤامرة على الهويه والتراث اكبر من ذلك، ربما هم لم يعو ذلك، لكن من يوجه الخطباء ويملي عليهم موضوع خطبهم يعي ذلك بالتاكيد، دارت نقاشات حامية مع النساء المشرفات على مدارس تعليم القران، وبعض مسؤلي المخيمات، لكني لم أصل الى نتيجه، بل شعرت أن وجودي وإستمرار بحثي بات مهددا، ونصحت بطي الموضوع وهكذا كان…

اليوم حلت الصين مشكلة التكلفة وانزلت الى الاسواق  كمية كبيرة من التصاميم الجميلة والمطابقة، باسعار بمتناول الجميع، اقول ذلك وانا أشاهد بفرح ردة فعل عدد من النساء على قرار اليونسكو اعتماد الثوب الفلسطيني كجزء من التراث الانساني، بنشر صورهن وهن يردتدين هذا الثوب الجميل ، لادعو ان نعود وبقوة الى إرتداء هذا الثوب في حياتنا اليومية في الشارع والعمل وبخاصة في مسيرات ووقفات الاحتجاج على التطبيع وما شابه،  وهو بكل الاحوال اسهل واجمل من الجلباب والعباءة وساتر مثلهما…..

لنعد الى اثوابنا التراثية ولنطورها بما يتلائم مع العصر قبل ان تكتمل اركان سرقتها، ويصير البحث في الهوية والتراث كالبحث عن الابرة في كومة قش

وسامحونا