النساء: من الإستلاب والإغتراب الى الوعي الزائف

النساء: من الإستلاب والإغتراب الى الوعي الزائف

 

كتبت الصديقة الدكتورة لينا جزراوي ادراجا تلوم فيه النساء على عدم استفادتهن من الثورة الرقمية، لتحريرانفسهن وتحملهن من خلاله، مسؤوليتهن عن تهميشهن الاقصاء والتهميش الذي يتعرضهن له، خصوصا أن أدوات المعرفة (التكنولوجيا) اصبحت متاحة للجميع، وتقرعهن لانهن يستعملن هذه ( التكنولوجيا) في وسائل التواصل الإجتماعي وغيرها بالطريقة التي كن يعشن بها قبلها، اي لخدمة الدور النمطي لهن المتعلق بالاسرة والرعاية وتقديم الخدمات بحيث يكرسن صورتهن النمطية، ليؤكدن للمجتمع انهن أضعف من التواجد في الحياة العامة، بجهلهن وتبعيتهن

في الواقع علقت على إدراج الصديقة لينا على صفحتها، لكن لأهمية الموضوع أحببت ان اشارككن/كم بعض الأفكار التي اثارها هذا ادراج ومنها:

– ما وصلنا ليس قواعد ومباديء الثورة الرقمية، بل بعض مخرجاتها المادية  كالكمبيوتر والهاتف ولانترنيت، وغيرها، هو ما صلنا كمستهلكين، وبالتالي نحن كافراد ومجتمعات رجالا ونساء، لانملك عقليّة المبدع المنتج، وانما عقلية التابع المستهلك، وبكل الاحوال لا تصل هذه المنتجات الى الجميع في الارياف والبوادي والمخيمات واحزمة الفقر حول المدن،  

-لوعدنا الى ما تشيرله الصديقة لينا من إستعمالات تقليدية لوسائل التواصل الاجتماعي، وغالبيتها تهتم بالشخصي واليومي والتهنئة والتعازي والاقتباسات من كل الالوان والاطياف وبخاصة الديني منها، لا يختلف وضع النساء عن الرجال في هذا المجال، لا بل لو اجرينا مقارنه بين ادراجات الرجال وهم الأغلبية، بادراجات النساء، لوجدنا ان نسبة الكتابات الجادة من قبل النساء اكثر بالنسبة والتناسب ( وبكل الاحوال هذا انطباعي الاولي وليس دراسة بمنهجية علمية)

– ان النساء يعانيّن من واقعيّن مريّن، الاول: هو إستلابهن للثقافة الذكورية السائدة، والثاني: إغترابهن العميق، فهن يغرّبن عن إنتاجهنّ بأخذ منتوجهنّ، وفرض كيفيّة وزمان إستهلاكه، وعدم إعتبار أية قيمة ماديّة أومعنويّة له، في حين أن هذا الإنتاج (المادي وانتاج الحياة البشرية) وهو المصدر الحقيقي لوجودهنّ الإنساني، يتحول إلى مصدر حقيقي لإذلالهن، كذلك تغرّب النّساء عن ذواتهنّ، كما يغربّن عن بعضِهن البعض، ففي ظروف مجتمعات اللاعدالة في توزيع الثروة، تطغى المنافسة، وهي على فرص العمل في الخارج، وعلى الرجل كمصدر للدخل ومعيل، ووسيلة لإعادة إنتاج الحياة، ونتيجة لهذه المنافسة، تتحول وحدة النّساء إلى عزلة ومنافسة بينهن، ولا يختلف الأمر بما يتعلق بالطبيعة، فالنّساء يتغرّبن عن الطبيعة بإعتبارها عائقاً أمام بقائهن وتقدّمهن، وتكمن المفارقة هنا، في أن هذه الطبيعة ذاتها هي التي تمنحهنّ القدرة على إعادة إنتاج الحياة، لذلك فان إغترابهن وأثره على وعيهن أعمق من إغتراب الرجال،   الذين غالبا ما يجدون متنفسهم في علاقتهم بالنساء، في حين تمثل علاقة المرأة بالرجل، سبباً من أسباب إغترابها، وهكذا تعرّف النّساء أنفسهن بأنهن موجودات لتلبيّة حاجات الآخرين، صاحب العمل، الزوج، الأطفال، مما سبب حالة “الوعي الزائف“، الذي يفقد النساء إحساسهن بسوء اوضاعهن، وبالتالي لا يَعين أهمية تغييره.

وهنا أقترح انه بدل لوم النساء على واقعهن، ودورهن في إستمراره،أو إعتبارهن ضحايا، ينبغي العمل معهن ومع الرجال ايضا، للتخلص من هذا الوعي الزائف، فيتحرر الجميع من حالتي الاغتراب والاستلاب، وذلك ضمن حركة مجتمعيّة واسعة تتعامل مع المتغيّرات الاقتصادية والسياسية المؤدية الى مانحن فيه، وبذلك فقط نستطيع القول ان تحرر النساء جزء لا يتجزأ من حركة التحرر الوطني السياسي والاجتماعي،  وفي هذا التصور لا ننظر الى النساء كضحايا، فكما نتوقع من الرجال وطلائعهم الواعية، التحول الى حركة التحرر الوطنية المجتمعية، سنرى الى طلائع النساء وجموعهن، يعملن بجديّة للتخلص من هذا الواقع الذي يمس حقوقهن وحقوق الجميع

وأنتهى الى أن إمتلاك أدوات الحداثة والتقدم الماديّة، بدون التمكّن من مفاهيمها، ومنطق العقل الذي انتجها، (وهذا مانحن فيه) فسنظل ندور بحلقة مفرغة، نصفنا مغرور بما حصل عليه من شكليّات الحداثة، ونصفنا الآخر معجب بالنصف المغرور وعنجهيته.

اتوقع من المهتمات/ين المساهمة في هذا النقاش

وسامحونا