
على الأغلب أن للإسم المطبوع وهجا خاصا، بالتاكيد لا أقصد هنا الإسم المطبوع على ورقة رسمية كشهادة الميلاد او الوفاة أو الإستدعاء الى المحكمة مثلا…. أقصد الإسم المطبوع كتوقيع مادة صحفية على تنوعاتها…. وغالبا ما كنت أتسائل عن أثره عند الكاتب/ الكاتبة والفروق بينهما
بالنسبة لي عملت طويلا كمتدربة في مجلة الدستور اللبنانية، ولم يكن يسمح لي بتوقيع مادتي الصحفية التي يسمح بنشرها، وبعد مدة من العمل، تم وضع أول حرف من إسمي الاول (س) في ذيل مادة شقيت بكتابتها، للوهلة الاولى، ظننت أن الصفحة ملوثة بنقطة حبر صغيرة، سررت في سري وقلت لنفسي لا بأس هي بداية، وبعد فترة سمح لي بتوقيع مادتي بالحرفين الأوليين (س. ت.) سررت أكثر، ومرة ثانية ظننت ان الصفحة ملوثة بقطرتي حبر هذه المرة، وفي ثالثة سمح لي بتوقيع اسمي الاول كاملا (سهير) ولم أصل الى مرحلة (سهير التل) الا بعد مرور فترة طويلة وعمل شاق، وكان بالكاد يرى في ذيل الصفحة من مادتي المنشورة، اذ كان للتوقيع تقاليد بمعايير كثيرة، ليس من السهل التمكن منها قبل الإحتراق بأتون العمل الصحفي الشاق، كان هذا في الصحافة اللبنانية في عز مجدها…..
عندما عملت بالصحافة الأردنية، وجدت أن حجم حروف الاسم المطبوع ( حبطرش) يعني بلا تقاليد، فكرت فقط بالمعايير التي قد تجعل توقيع كاتب مبتدئ، أكبر من إسم رئيس التحرير، لم تشغلني المسألة كثيرا، وكان الأمر بالنسبة أشبه بالنكتة، فقد سبق وعملت في صحافة ذات تقاليد، ومع أساتذة كبار يعرفون قيمة الكتابة وكاتبها….
أما الفروق الجندرية- وأنا أتحدث هنا عن الفترة من الربع الاخير في السبعينيات وحتى اوائل التعسينيات، حتى لايساء الفهم- وفي الأردن تحديدا، فلم تتعلق بالاسم المطبوع فقط، مع أن هذا الاسم كان يضع الواحدة منا تحت مجهر التقييم الدائم شخصيا ومهنيا، اي تقييم قدرة النساء على العمل ومن يقف ورائهن، وكانت فكرة إستغلال الانوثة واردة وبقوة ضمنا وتصريحا، وبخاصة في الحالات الناجحة مهنيا، وهنا لا فرق بين التخصصات داخل العمل، فإن حصلت على سبق صحفي او موعد سريع لمقابلة مسؤول او… او…فلابد ان للأنوثة دورا في تحقيق هذا النجاح، هنا أوكد أن كثير من الزملاء ومنهم أستاذه الكبار، وهنا اذكر بفخر الاستاذ ابراهيم سكجها طيب الله ثراه، وغيره بالطبع ممن عملت بمعيتهم، لم يكونوا بوارد مثل هذه الترهات، لكن الكثيرين من صغار الصحفيين، هم من يستعملون هذه القضية كسلاح غير اخلاقي في منافسة مهنية الأصل أن تكون اخلاقية، وهنا لا تكون الانوثة مجرد صفة هوياتية، بل كلمة واسعة حمالة أوجه، تبدأ بالشكل ولا أعرف أين تنتهي … والمشكلة أن هؤلاء هم الأعلى صوتا، والأكثر قدرة على تعميم هذه الفكرة في مجتمع ينظر للنساء بريبة، فكيف بنساء تجرأن وكسرن بعض القوالب الجاهزة….
أروي هذه الحكايات وأنا أقلب بعض أرشيفي، وكثير من المواد لها قصتها في هذا السياق، فضلا عن ذكريات ما تعرضت له زميلات محترمات من أوضاع مشابهة، وأنتهي الى رواية قصة بيان صدر عن مجموعة أسمت نفسها رابطة نساء الاردن، تم التعرض من خلاله الى مجموعة من الزميلات الصحفيات والادبيات وبعض الناشطات… بالاساءة والاتهامات المبتذلة واطلاق الالقاب المريعة على كل واحدة منهن، والغريب أن هذا البيان إعتبر من ذكرهن قائدات للحركة النسائية وممثلات النساء الاردنيات، وكل من ذكرهن، ليس لهن اية علاقة بالحركة النسائية خارج اطار ما يتوجب على بعضهن (الصحافيات) من تغطية احداث بعض الانشطة النسائية، طبعا باستثنائي وكنت واحدة من الناشطات في هذا الحقل، وبذلك ضرب البيان الذي وزع على نطاق واسع في حينه، عصفوران بحجر واحد، الاساءة للعمل النسائي، والإساءة لكوكبة من النساء الصحفيات والادبيات …
اللطيف بالامر وبعد بحث وتدقيق تبين أن من يقف وراء هذا البيان مجموعة معتبرة من الصحفيين
البيان محفوظ لدي لكني لا أستطيع نشرة كاملا لتضمنه اسماء صريحة، لنساء ربما لا يرغبن باستعادة هذا الموقف، أما أنا فلقبني البيان بلقب (بلاي بوي الصحافة الأردنية)
تحية للزميلات اللواتي تحملن الكثير من العسف نتيجة وهج الاسم المطبوع لأقول أن هذا العسف لم يوقفنا، وتحية كبيرة للزميلات العاملات الآن وارجو أن يكون الوسط الصحفي الآن قد تجاوز هذه العقد….
الصور: مقاطع من البيان