نساء مرة اخرى: الإتحاد النسائي في الأردن

نساء مرة اخرى: الإتحاد النسائي في الأردن

 

قصتي مع العمل النسائي والحركة النسائية قصة طويلة، اوصلتني دروبها المتشابكة الى شبه التخصص بكتابة تاريخ الحركة النسائية في اكثر من مؤلف، منها كتابين وعدد من الدراسات المنشورة في دوريات رصينة….فضلا عن دراساتي النظرية في الفكر النسوي العربي والفلسفة النسويّة

المهم بدأت علاقتي بالإتحاد، وإسمه الرسمي لدى الجهات المعنية (جمعية الاتحاد النسائي في الأردن) عند عودتي الاولي للبلاد، هربا من قسوة الحرب الأهلية في لبنان في اوخر سبعينيات القرن الماضي، لا أذكر التفاصيل الأولى، غير انني وجدت نفسي عضو هيئة ادارية بترشيح من قوة سياسية، وموافقة قوى اخرى شريكة بالاتحاد، وفي ذلك الوقت ونتيجة شدة وطأة الأحكام العرفية كانت المنظمات الشعبية ( لم يكن مصطلح منظمات المجتمع المدني شائعا آنذاك) هي المنابر المتاحة للممارسة العمل السياسي، وبعض النقابي، من خلال تصدر شخصيات تعتبر مستقلة، لكنها قريبة من هذه القوى_ التي كانت توجه العمل من بعيد_، وهذا تجلى فيما تجلى بالإتحاد ورابطة الكتاب الأردنيين والعديد من النقابات المهنية والعمالية،

تجربتي في الاتحاد كانت غنية جدا على الصعيد الشخصي، وان كانت لا تخلو من بعض الآلام والكسور،لكنها لم تصل بي الى حد الكفر بالعمل العام ، بل قادتني الى البحث عن ثغرات العمل النسائي في حينه بمنهجية علمية رصينة بعيدا عن المناكفات السياسية والتنظيمية، التي اوصلته الى تجميد العمل لفترة طويلة حتى بعد كسب قضية الحل ، وعودته الى العمل بقرار قضائي، كما ساعدني هذا العمل بالغوص في عوالم النساء في القرى والمخيمات والتعرف اليهن عن كثب، الامر الذي ساعدني لا حقا في تكوين رؤيتي النظرية لقضية النساء.

فالإتحاد – تحول الى إتحاد المراة الاردنية اليوم-  بحد ذاته، كان محطة من محطات العمل النسائي المهمة على الصعيدين النسائي والسياسي، واجمل ما فيه روح العمل التطوعي الذي دفعنا قيادات ولجان وعضوات هيئة عامة، الى التسابق على طريق العمل، فكان الجميع يتسابق الى القرى والمخيمات لخدمة النساء الكادحات في كل المواقع، بفتح مراكز محو الأمية والتدريب المهني والتثقيف وتنظيم الاحتفالات بالمناسبات الوطنية والنسائية، عدا عن انشطة كتابة المذكرات والعرائض والبرقيات الى الحكومة و المنظمات الأممية والعربية وغيرها من الأنشطة….

كان مقر الاتحاد بيتنا الذي لا يخلو من نشاط ، ولامانع لدينا من تنظيف المقر وتحضيرة للأنشطة – فميزانيتنا لا تحتمل ترف استئجار عاملة تنظيف- عدا عن التبرع من جيوبنا لتغطية مصاريف الانشطة (لم نعرف في حينها ترف التمويل الاجنبي ونظام الانجيووز) والعضوة الوحيدة التي كانت تتقاضى راتبا هي سكرتيرة الاتحاد لانها كانت ممنوعة من العمل بقرار امني، الرفيقة اوجيني حداد، وكانت تتقاضى 50 دينارا فقط، وكان لكل عضوة مهماتها الجانبية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت الراحلة العظيمة السيدة سلوى زيادين ( ام خليل) تتولى كتابة المذكرات باللغتين الفرنسية والانجليزية التي كانت تجيدهما، وتتولى هيفاء جمال وعبلة ابو علبه ويسرى الكردي وغيرهن متابعة اعمال المراكز في المخيمات وغير ذلك الكثير،

 كنا صغيرات متحمسات نحب الإتحاد الذي كان يجمعنا وإن فرقتنا بعض الإختلافات والمناكفات السياسية رحم الله من مضين واطال الله بعمر الباقيات